كتب: غازي كشميم
الجمعة 03/05/2013
مرت عقود على رفع لافتة «أسلمة المعرفة» بعد أن تأثرت المجتمعات الإسلامية بما وفد إليها من العلوم الغربية خاصة في مجال العلوم الإنسانية، أو بما جلبه واستورده كثير من أبنائها الذين درسوا في الخارج، وحاولوا نقل تلك المعارف كما هي أو تبيئتها بما يتلاءم والبيئة العربية والإسلامية. وقد قدمت ولا تزال في هذا الصدد جهود عديدة من أفراد ومؤسسات حاولت صبغ تلك العلوم بالصبغة الإسلامية، وتنقيتها مما يمكن أن يخالف عقائد الإسلام وتشريعاته، أهمها المعهد العالمي للفكر الإسلامي وما يقدمه من أنشطة خاصة مجلة «إسلامية المعرفة»، كما تظهر محاولات أخرى من خلال مجلة «المسلم المعاصر»، و»المجلة الأمريكية للعلوم الاجتماعية الإسلامية» وغيرها من الجهود في ماليزيا وإيران. لكن إلى أي مدى نجحت تلك الجهود في أهدافها؟ وما أبرز ما تميزت به؟ وأين أخفقت؟ ولماذا؟
ينطلق المتحمسون لـ «أسلمة المعرفة» من كون تلك العلوم الإنسانية هي نتاج بشري يهم الإنسانية كلها ويعالج مشاكل حياتها التي تكاد تكون واحدة مع اختلاف في الدرجة -وليس في النوع- من بيئة لأخرى ومن بلد لآخر. كما كانت «شمولية الإسلام» أحد أهم المنطلقات للدخول في تلك المعارف، ومحاولة إثبات أن الدين الإسلامي جاء لمعالجة قضايا الإنسان ومشكلاته في كل النواحي، فلا بد أنه يحتوي على أساسيات وقواعد في علوم الاجتماع والنفس والاقتصاد والسياسة والإدارة وغيرها من المعارف،. ويرى تيار «إسلامية المعرفة» أن العلوم الإنسانية والاجتماعية الغربية علوم متحيزة، اصطبغت بلون المحيط الذي نشأت وتطورت فيه، وما يحفل به ذلك المحيط من ملابسات وقيم ثقافية، ومعايير منهجية، تستند إلى قراءة أحادية هي (قراءة الكون) فقط، وهذه القراءة تجسد حالة فصام حاد، لأنها تستبعد (قراءة الوحي) التي تتكامل بِها قراءة الكون، عبر منهج (الجمع بين القراءتين) كما يقرر ذلك أحد طه جابر العلواني أحد أقطاب هذه المدرسة. كذلك تعتقد جماعة «إسلامية المعرفة» بأن فلسفة (العلوم الطبيعية) و(العلوم البحتة) هي فلسفة وضعية قاصرة، أفضت إلى منهج وضعي مادي، يفسر ما يجري في العالم على أساس الجدل بين الإنسان والطبيعة، من دون وعي لدور الله في العالم، وباختزال دور الباري تعالى يختزل الإنسان والعالم إلى مجموعة موجودات وأشياء مادية لا غير. لذلك يعتقد أصحاب منهجية «أسلمة المعرفة» أن الإسلام بالرغم من أنه منهج حياة ينتظم فيه الإنسان والكون لتحقيق غايات عليا إلا أنه بحاجة إلى تجديد واجتهاد معرفي علمي يهضم تلك المعارف الطبيعية والإنسانية ويقدمها في صورة إنتاج علمي جديد يتوافق مع المنظور الإسلامي، أو إعادة صياغة العلم بما يتوافق وتلك النظرة لتحقيق النهوض الحضاري للأمة. ويتوسلون للوصول لذلك الهدف عن طريق التغيير الفكري والمعرفي، والتجديد في منهجية النظر إلى العلوم والمعارف، لا عن طريق التغييرات السياسية أو الحداثية أو الانقلابية. لذا كانت جهودهم منصبة على بناء نظام معرفي إسلامي معاصر من خلال التعامل مع القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مباشرة بوصفهما مصدرًا للفكر والمعرفة والحضارة بما يتطلب ذلك بناء أو إعادة تشكيل مناهج للتعامل معهما. كما صدرت في هذا الصدد محاولات للتعامل مع التراث الإسلامي بما يتجاوز فترات التقليد والانقطاع فيه للتواصل مع الفكر والحضارة الإنسانتين.
ينطلق المتحمسون لـ «أسلمة المعرفة» من كون تلك العلوم الإنسانية هي نتاج بشري يهم الإنسانية كلها ويعالج مشاكل حياتها التي تكاد تكون واحدة مع اختلاف في الدرجة -وليس في النوع- من بيئة لأخرى ومن بلد لآخر. كما كانت «شمولية الإسلام» أحد أهم المنطلقات للدخول في تلك المعارف، ومحاولة إثبات أن الدين الإسلامي جاء لمعالجة قضايا الإنسان ومشكلاته في كل النواحي، فلا بد أنه يحتوي على أساسيات وقواعد في علوم الاجتماع والنفس والاقتصاد والسياسة والإدارة وغيرها من المعارف،. ويرى تيار «إسلامية المعرفة» أن العلوم الإنسانية والاجتماعية الغربية علوم متحيزة، اصطبغت بلون المحيط الذي نشأت وتطورت فيه، وما يحفل به ذلك المحيط من ملابسات وقيم ثقافية، ومعايير منهجية، تستند إلى قراءة أحادية هي (قراءة الكون) فقط، وهذه القراءة تجسد حالة فصام حاد، لأنها تستبعد (قراءة الوحي) التي تتكامل بِها قراءة الكون، عبر منهج (الجمع بين القراءتين) كما يقرر ذلك أحد طه جابر العلواني أحد أقطاب هذه المدرسة. كذلك تعتقد جماعة «إسلامية المعرفة» بأن فلسفة (العلوم الطبيعية) و(العلوم البحتة) هي فلسفة وضعية قاصرة، أفضت إلى منهج وضعي مادي، يفسر ما يجري في العالم على أساس الجدل بين الإنسان والطبيعة، من دون وعي لدور الله في العالم، وباختزال دور الباري تعالى يختزل الإنسان والعالم إلى مجموعة موجودات وأشياء مادية لا غير. لذلك يعتقد أصحاب منهجية «أسلمة المعرفة» أن الإسلام بالرغم من أنه منهج حياة ينتظم فيه الإنسان والكون لتحقيق غايات عليا إلا أنه بحاجة إلى تجديد واجتهاد معرفي علمي يهضم تلك المعارف الطبيعية والإنسانية ويقدمها في صورة إنتاج علمي جديد يتوافق مع المنظور الإسلامي، أو إعادة صياغة العلم بما يتوافق وتلك النظرة لتحقيق النهوض الحضاري للأمة. ويتوسلون للوصول لذلك الهدف عن طريق التغيير الفكري والمعرفي، والتجديد في منهجية النظر إلى العلوم والمعارف، لا عن طريق التغييرات السياسية أو الحداثية أو الانقلابية. لذا كانت جهودهم منصبة على بناء نظام معرفي إسلامي معاصر من خلال التعامل مع القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مباشرة بوصفهما مصدرًا للفكر والمعرفة والحضارة بما يتطلب ذلك بناء أو إعادة تشكيل مناهج للتعامل معهما. كما صدرت في هذا الصدد محاولات للتعامل مع التراث الإسلامي بما يتجاوز فترات التقليد والانقطاع فيه للتواصل مع الفكر والحضارة الإنسانتين.
نجاح جزئي
إشكاليات منهجية
كما أن تغيير أو تطوير أي علم -سواءً بالأسلمة أو بغيرها- لا بد له من استيعاب تلك المعارف ودراستها والتمكن منها، وتوفير البيئة اللازمة لذلك مما يقدم أرضية خصبة لتحليلها تحليلًا نقديًا، وتقديم بدائل إبداعية وذاتية. بل أن البعض يذهب إلى أن «أسلمة المعرفة» جعلت من نقد وهجاء العلوم الإنسانية والغربية مجالًا وحيدًا لدرجة محاولتها في بعض دراساتها تفريغ تلك العلوم من مضمونها في مقابل تقديس وتبجيل للتراث من غير قراءة نقدية له، ومن غير دراسة أسباب التراجع ومحطات توقف الإنتاج العلمي والإبداع المعرفي للحضارة الإسلامية.
المعرفة محايدة
وعلى أرض الواقع تطرح تساؤلات على أصحاب هذه النظرية؛ فلماذا لم تتشكل حتى اليوم النواة الجينية لعلم اجتماع إسلامي أو علم نفس إسلامي أو علم اقتصاد إسلامي، بالرغم من مضي أكثر من ربع قرن على هذه الدعوة (تأسس معهد الفكر العالمي سنة 1981)، ومعظم الكتابات لم تتبلور فيها رؤية نظرية واضحة حيال هذه العلوم، فضلا عن عدم إنجاز أي محاولة جادة لصياغة وبناء علم إسلامي من العلوم الاجتماعية؟