هل ساهمت المصارف الإسلامية في عملية التنمية؟!

غازي كشميم - جدة
الجمعة 16/05/2014

هل ساهمت المصارف الإسلامية في عملية التنمية؟!


رغم ما تحققه من أرباح وعوائد مالية ضخمة ونسبت نمو عالية وصلت إلى 15% في ظل الأزمة المالية العالمية، إلاّ أن سهام النقد ما زالت توجه إليها بعدم مساهمتها مساهمة حقيقية ومباشرة في علمية التنمية، فما حقيقة نجاح المصرفية الإسلامية وأرباحها العالية؟ وهل هي فعلًا نتيجة مشروعات تنموية داعمة للاستثمارات الصغيرة والمتوسطة أم إنها تدعم النمط الاستهلاكي والقروض الفردية؟ وما حقيقة الاتهامات الموجهة للهيئات الشرعية العاملة في البنوك والمصارف الإسلامية.. هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على مجموعة من المختصين في الشأن الاقتصادي والمالي في ثنايا التحقيق التالي:

قال الدكتور أستاذ الاقتصاد بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور محمد اليماني إن البنوك والمصارف الإسلامية تبحث عن مصلحتها في المقام الأول، مضيفًا أنه ليس هناك شيء ملموس على أرض الواقع نستطيع أن نقول من خلاله إنها تساهم في تنمية البلاد ودعم مشروعاتها. وأوضح اليماني أن المصارف الإسلامية حريصة جدًّا على أن تأخذ حقها بأقصى درجة ممكنة مع المبالغة في أخذ الضمانات. وقال اليماني إن هناك فرقًا بين النظرية والتطبيق في المصرفية الإسلامية؛ فحينما نأتي إلى التطبيق لا نجد شيئًا من ذلك التنظير، وأوضح اليماني أن ما تقدمه المصارف الإسلامية هو عقود تمويل مثل ما هو معمول به في البنوك التقليدية مع تطويرها بحسب ما يقولون للتوافق مع أحكام الشريعة. ونفى اليماني أن تكون هناك مساهمة حقيقية لهذه البنوك في عمليات التنمية والتي تستدعي المخاطرة الكبيرة وإنما غاية ما يفعلونه هو تحوير بعض العقود والمعاملات لتتوافق مع الشريعة أو تقديم برامج تمويل فقط للالتفاف على قضية التعاملات الربوية.
نجاح المصرفية الإسلامية
وأكد الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية طلعت حافظ أن وجود المصرفية الإسلامية على مستوى العالم وتنشيط معاملاتها منذ عقود يعد منعطفًا مهمًّا في العمل المصرفي عمومًا، مشيرًا إلى النمو الكبير الذي تحظى به المصرفية الإسلامية حول العالم والذي وصل في متوسطه بين (10%-15%)، كما تنوع بين حسابات جارية وحسابات استثمارية بما في ذلك أنواعًا من التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. وقال حافظ إني اختلف مع من يقول إن المصرفية الإسلامية لم تحقق المأمول في أنشطة التنمية المختلفة، والدليل على ذلك توجه بعض البنوك الغربية نحو المصرفية الإسلامية وبعض منتجاتها، كما أن بعض مراكز الأبحاث الغربية بدأت تتبنى دراسة المصرفية الإسلامية. أمّا فيما يخص توزيع الأرباح على المستثمرين والتي يصفها بعضهم بالقليلة في مقابل أرباح البنوك من تلك الاستثمارات قال حافظ إن ذلك يعتمد على نشاط البنك وآليات تعامله وكفاءة تشغيله والتي تنعكس على نموه وتحقيق حوافز مجزية للمساهمين. ونفى حافظ أن تكون هناك علاقة بين كون المصرف إسلاميًّا وبين انخفاض عوائد المستثمرين فيه مرجعًا السبب في ذلك إلى آليات التشغيل وكفاءة العمل وإدارة البنوك أكثر من كونها إسلامية أو غير إسلامية. وأشار حافظ إلى تعدد صيغ التمويل الإسلامي من المرابحة إلة المضاربة والمشاركة وعقود الاستصناع وغيرها والتي تساهم في خلق بيئة صناعية وتجارية استثمارية والتي أسهمت بفاعلية في تمويل العديد من المشروعات التنموية في العديد من الدول. وانتقد حافظ التشكيك والنيل من الهيئات الشرعية الموجود في البنوك مؤكدًا أن أعضاءها خاصة في البنوك المحلية هم على درجة كبيرة من العلم وإدراك التعاملات المالية كما أن منهم أعضاء في هيئة كبار العلماء، وأضاف حافظ أن هؤلاء العلماء ليسو بحاجة إلى أن يجاملوا البنوك ويخاطروا بسمعتهم ومكانتهم العلمية من أجلها، كما أوضح حافظ أن هذه الهيئات الشرعية هي هيئات مستقلة غير تابعة للبنك وإنما استشارية وتشرف على المنتجات وتتأكد من مطابقتها للضوابط الشرعية، وبين حافظ أن هناك من الحالات ما لم توافق عليه الهيئات الشرعية على بعض المنتجات وبالتالي لم تطرح ويعمل بها، الأمر الذي يؤكد على استقلالية تلك الهيئات وعدم خضوعها لأي ضغوط أو مجاملات. وأكد حافظ على نجاح تجربة المصرفية الإسلامية في السعودية منذ نشأتها خاصة في التسعينيات، مشيرًا إلى تحقيقها قفزات متقدمة تمكنت من خلالها إلى تحويل كثير من المنتجات الربوية إلى منتجات شرعية. وأرجع حافظ هذا النجاح للمصرفية الإسلامية إلى التدرج في التطبيق فإدارات البنوك لم تستعجل التحول إلى المصرفية الإسلامية بين يوم وليلة وإنما أخذت الوقت الكافي من الدراسة والتأمل لتخرج بمنتجات تتوافق مع متطلبات الشريعة ونجحت نجاحًا مدللًا على ذلك بانتشار تمويل المرابحة الذي تستخدمه كثير من البنوك المحلية.

هيئة شرعية مستقلة
من جهته أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فلالي أن البنوك والمصارف الإسلامية تجنبت برامج القروض الربوية ولجأت إلى صيغ أخرى كالمشاركة والمضاربة والمرابحة وغيرها من الآليات الإسلامية. ولفت فلالي إلى أن هذه البنوك تستقبل أموالًا ضخمة من المودعين من غير أن توزع عليهم أي أرباح بعكس البنوك التقليدية، وبذلك تكون أرباح البنوك الإسلامية جدًّا هائلة. ولفت فلالي إلى أن المصارف الإسلامية توزع نسب أرباحها على الراغبين في الاستثمار معها مثل ما توزع البنوك التقليدية من النسب، مشيرًا بذلك إلى أن المستثمرين في البنوك الإسلامية يحصلون على نفس ما يحصل عليه المستثمرين في البنوك التقليدية. وانتقد فلالي عدم وجود مؤشرات ومعايير أرباح للبنوك الإسلامية خاصة بها بعيدًا عن معايير البنوك التقليدية الربوية لأن الصورة هذه تشير إلى أن ما تحصل عليه من البنوك الإسلامية هو أرباح بينما في حقيقة الأمر هي فوائد مثلها مثل البنوك التقليدية. وعن الهيئات الشرعية داخل البنوك والمصارف الإسلامية وما ينالها من تشكيك قال فلالي إن أي بنك لا بد أن يخضع لرقابة البنك المركزي في أي دولة، مطالبًا أن تكون هناك هيئة شرعية مستقلة عن البنوك تتبع للبنك المركزي، تفتي وتقدم نصائحها وفتاواها لكل البنوك ولا تتقاضى أي مبالغ من بنوك محددة. وأضاف فلالي أن من شأن هذه الخطوة أن تجعل أعمال اللجنة شفافة ومستقلة بعيدًا عن أي ضغوط من جانب أي بنك. وأوضح فلالي أن نجاح البنوك الإسلامية هو في تجميع الأموال خاصة من قبل الأفراد غير الراغبين في التعامل مع البنوك التقليدية لكنه شكك في حقيقة قيام تلك البنوك بمشروعات واستثمارات حقيقية ذات مردود ونفع تنموي، وتساءل فلالي لم لا تقدم هذه البنوك أرباح كبيرة للمستثمرين طالما أنها تربح من مشروعاتها أموالًا ضخمة.

المشروعات الصغيرة
في ذات السياق قال عضو جمعية الاقتصاد السعودي عصام خليفة إن المصارف الإسلامية أصبحت واقعًا في البيئات المحلية والعالمية بعد أن شقت طريقها بعيدًا عن البنوك التقليدية أو الربوية. وأكد خليفة أن المصارف الإسلامية أثبتت أن هناك مالية إسلامية يمكن أن تكون بديلًا عن التعاملات المالية الربوية المنتشرة. لكن خليفة أشار إلى المصارف الإسلامية ما زالت تركز على القروض الفردية والاستهلاكية أكثر من القروض التنموية العامة لما تمتاز به القروض الفردية والاستهلاكية من قصر المدة وعوائد مالية ضخمة، مشيرًا إلى حجم القروض الشخصية والذي وصل إلى 300 مليار ريال كما أن عدد المقترضين تجاوز 2.5 ونصف، مؤكدًا أن هذه مؤشرات خطيرة على الأفراد والمجتمع. وقال خليفة إن المصارف الإسلامية ليس لها دور في رعاية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولم تدخل كشريك في هذه المشروعات بسبب تخوفها من هذه المشروعات وعدم ضمانة ربحها واستعادة رأس المال، مشيرًا إلى أن بنية دعم المشروعات الصغيرة غير راسخة وجذابة سواءً من قبل الدولة أو من قبل البنوك والمانحين. ودعا خليفة إلى إيجاد هيئة خاصة لرعاية المشروعات الصغيرة تستطيع إيجاد التنظيمات والتشريعات الخاصة بضمان نجاح مثل هذه المشروعات ودعمها الأمر الذي يمكن أن يشجع البنوك الإسلامية على دعمها. ونفى خليفة أن تكون المصارف الإسلامية تحايلت على الصور الربوية في التمويل وإنما استطاعت المصارف والبنوك الإسلامية ومن خلالها أبحاث علمية إيجاد صيغ توافقية مع الشريعة الإسلامية.



 

ليصلك كل جديد عنا ولنكون علي اتصال