مصاطب العلم في الأقصى.. خط الدفاع الأول

تقرير - غازي كشميم
الجمعة 13/06/2014



هي خط الدفاع الأول كما يراها مراقبون أمام الاعتداءات الصهيونية المتكررة على المسجد الأقصى، تلك هي حلقات العلم أو (مصاطب العلم) كما تسمى. بين فترة وأخرى يحاول الصهاينة تحت ذرائع شتى الدخول للمسجد الأقصى، فيتصدى لهم طلاب العلم والمرابطون في ساحات المسجد الأقصى. تقوم فكرة (مصاطب العلم) على إحياء دروس شرعية مختلفة من فقه وتفسير وتوحيد وسيرة وغيرها من العلوم في المسجد الأقصى وساحاته وذلك بهدف إعادة دور ورسالة المسجد الأقصى في توعية الناس، ونشر العلم والدعوة إلى الله، بالإضافة إلى ترشيد وجود الناس وحثهم على التواجد داخل المسجد بعد الصلوات، وعدم الانفضاض وترك المسجد خاليًا للجماعات اليهودية المتطرفة.
امتداد تاريخي
بدأت مسيرة هذه المصاطب مع مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية بإحياء دروس مصاطب الأقصى عام 2000/2001م، حتى أقدمت سلطات الاحتلال على إغلاق المؤسسة، فتولت مؤسسة «عمارة الأقصى والمقدسات» رعاية المشروع حتى الآن. وتضم مصاطب العلم عشرات الطلبة من الرجال والنساء موزعين على حلقات علمية متنوعة تعبر عن مشروع يزخر بزخم من التراث التاريخي والعراقة تعود جذوره لثلاثين مصطبة علمية في العهد العثماني، تم تفعيلها في السنوات الأخيرة ضمن حالة الاستنهاض في مواجهة سياسة التهويد الصهيونية. وتشير مصادر إعلامية من داخل القدس إلى أن مشروع مصاطب العلم بدأ بـ 30 طالبًا وطالبة، وبات اليوم يضم مئات الطلبة من فئات عمرية مختلفة يتوافدون على المسجد الأقصى خلال أيام الأسبوع ليدرسوا العلوم المختلفة على أيدي أساتذة ودعاة وشيوخ متميزين، يسعون لإعادة المسجد الأقصى لبريقه العلمي. وعادة ما يتحلق المشاركون في حلقات حول الشيخ أو المدرس الذي يعطي الدرس في الهواء الطلق تحت ظلال الأشجار ويجلسون على كراسي بلاستيكية أو يفترشون الأرض في ساحات المسجد الأقصى الواسعة.
اعتداءات اليهود
ورغم تواضع الإمكانيات المادية المتوفرة إلا أن الصهاينة تفزعهم حتى الكراسي البلاستيكية واللوحات الخشبية التي يستعملها المرابطون في التدريس، فيعمدون إلى «عمليات سطو» على كراسي طلبة مصاطب العلم وتحطيم الأقفال وتقطيع السلاسل وحجز الكراسي خارج الأقصى ومنع إدخالها مما اضطر طلبة العلم من الرجال والنساء وكبار السن إلى الجلوس على الأرض وافتراش التراب لساعات طويلة خلال برنامجهم التعليمي. وبسبب إحباط مخططاته من قبل طلبة مصاطب العلم سواءً من الرجال والنساء أو الطلاب، يقوم الاحتلال الإسرائيلي بالتضييق عليهم واستهدافهم بالاعتقال أو تغريمهم أو حجز هوياتهم أو منعهم من دخول الأقصى وإبعادهم عنه لأسباب غير مبررة. ومؤخرًا تصدى حراس المسجد الأقصى وطلاب مصاطب العلم، لاقتحام 13 متطرفًا من «الحريديم»- وهم من اليهود المتدينين المتشددين- وأبنائهم لباحات المسجد، ومحاولة أدائهم بعضًا من الطقوس التلمودية، الأمر الذي أدى لوقوع اشتباكات وتدافع بالأيدي بين المصلين وقوات الاحتلال. كما شهد المسجد الأقصى خلال الأيام الأخيرة عدة اقتحامات من قبل شرطة الاحتلال التي اعتدت على المصلين والمرابطين بالمسجد وخارجه، ما أدى لإصابة العشرات بجراح وحالات اختناق، واعتقال عدد آخر منهم.
ويؤكد القائمون على حلقات المشروع أن مصاطب العلم تحقق هدفين أساسيين؛ أولهما إحياء دور المسجد الأقصى في الإشعاع المعرفي والديني كما كان في السابق منارة علمية تستقطب طلبة العلم والعلماء، إلى جانب ضمان تواجد أعداد كبيرة لإفشال أي محاولة للمساس بالمسجد من قبل متطرفين يهود يحاولون هدم المسجد وإقامة ما يعرف بـ»هيكل سليمان». كما أن هذه المصاطب تؤرق الاحتلال؛ حيث إن ترتيب برنامجها يتعارض مع الترتيبات الصهيونية الرامية إلى التقسيم الزماني الذي يعمل الاحتلال على تطبيقه هناك. كما يسهم هذا المشروع في الحفاظ على رباط دائم ومستمر للمصلين في الأقصى للحيلولة دون نجاح مخططات الاحتلال التي تحاول استغلال فترات تضاؤل أعداد المصلين، خاصة في الفترة الصباحية، بين الفجر والظهر، في إدخال المستوطنين اليهود إلى المسجد لدعم أسطورة «الهيكل».


 

ليصلك كل جديد عنا ولنكون علي اتصال