خطباء المساجد: التثبيت على سلّم الرواتب والتدريب أبرز الأولويات

غازي كشميم - جدة
الجمعة 13/06/2014




رغم أهمية مكانته ورمزيته لدى المسلمين وفي الثقافة الإسلامية بل وحتى عبر التاريخ الإسلامي إلا أن هناك من يرى أن دوره انحسر وبدأ يتلاشى في الفترات الأخيرة. ذلك هو المسجد، وفي ظل الحديث عن المسجد فلا بد من الحديث عن أهم أركانه وأعمدته وهم الأئمة والخطباء. ودائمًا ما ينصب الحديث عن دور الأئمة والخطباء في المجتمع وما تطالبهم به الوزارة من التزامات وتوجيهات لكننا في هذا الموضوع سنقلب دفة القضية ليطرح الأئمة والخطباء أولوياتهم ومطالبهم حتى نساعدهم في القيام بأدوارهم كما يرجوها لهم كافة أفراد المجتمع.
«الرسالة» استطلعت آراء عدد من الأئمة والخطباء في الأولويات التي يرون أن على وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف أن توليها اهتمامها، وذلك في ثنايا الاستطلاع التالي:


بداية قال إمام وخطيب جامع أم الخير الشيخ صالح الجبري: إن هناك حاجة ماسة لتدريب وتأهيل خطباء الجمعة على عدة أمور منها، حسن الإلقاء واختيار الموضوعات، والتعامل الحسن مع المصلين، وكيفية استقبال اقتراحاتهم، وحتى انتقاداتهم، وأكد الجبري أن على الخطيب أن يتقبل انتقادات الناس واعتراضاتهم مبينًا أن حال الناس في هذه الأيام اختلف كثيرًا عن السابق فقد أصبح لديهم وعي كبير، ولا بد أن يوجد من بين المصلين من هو أكثر علمًا أو وعيًا أو إدراكًا من الخطيب. وأشار الجبري إلى أن من احترام المصلين إشراكهم في قضايا المسجد واختيار الخطبة، وتمنى الجبري أن يأتي اليوم الذي يشترك فيه الخطيب مع المصلين في إعداد واختيار موضوعات خطبة الجمعة لأن كل حي وكل منطقة لها مشكلات خاصة. وأكد الجبري أن ذلك يستلزم أن يكون الخطيب قريبًا من الناس ومشكلاتهم ومدركًا للقضايا التي يحتاجها أهل الحي. وقال الجبري: إنه يقرأ ويسمع عن الدورات التأهيلية للأئمة والخطباء لكنه لا يلمس شيئًا على أرض الواقع، ويرى الجبري أن هذه الدورات ليست بشكل مستمر وإنما موسمية. وبين الجبري أن الإمام يجب أن يفرغ لوظيفة المسجد حتى يقوم بأداء واجباته على أكمل وجه، وهذا يتطلب أن تكون هناك رواتب ثابتة وليست مكافآت والتي لا يمكن الاعتماد عليها كمصدر دخل ثابت، لذلك هم يلجأون إلى وظائف أخرى يعتمدون عليها، وتصبح الإمامة كوظيفة إضافية وليست أساسية، وطالب الجبري بتفريغ الأئمة والخطباء وإعطائهم كفايتهم من الدخل حتى يستطيعوا أن يقوموا بدورهم المأمول، وبذلك تستطيع وزارة الشؤون الإسلامية أن تتابع وتراقب وتحاسب بشدة أولئك الأئمة. واقترح الجبري أن يكون هناك تدوير للخطباء بين المساجد أو زيارات لهم لمساجد مختلفة بهدف التجديد للمصلين والاطلاع على أساليب أخرى وتبادل الخبرات. وقال الجبري: إنه ليس هناك لقاءات دورية بين الأئمة والخطباء لتبادل الآراء ووجهات النظر متمنيًا أن يكون هناك ترتيب لهذه اللقاءات حتى تثري تجربة الخطباء والأئمة وتصقل خبراتهم.
التثبيت
من جانبه قال إمام وخطيب جامع العناني الشيخ علي القرني: إن المساجد تتفاوت في جودتها ونشاطها بحسب تفاوت فروع الوزارة. وقال القرني: إن أولويات الوزارة من وجهة نظره تندرج في سياقين؛ السياق الأول وهو المختص برعاية المساجد ماديًا كترميم المساجد والعناية بمرفقاتها كدورات المياه وغيرها، الأمر الذي يحافظ على طول عمر المسجد، كما أنه يعكس مكانة المسجد كونه دار عبادة للمسلمين كما نرى في الغرب اهتمامهم بكنائسهم والحفاظ عليها. وأضاف القرني: إن الشق الثاني هو الاهتمام المعنوي بمن يقوم على هذه المساجد من الأئمة والخطباء والذين بصلاح حالهم يصلح حال المساجد ويعم النفع سواءٌ كان فكريًا أو علميًا أو توعويًا. وأكد القرني على أهمية حسن انتقاء الأئمة والخطباء ومتابعتهم في تطوير أدائهم علميًا ومهاريًا، والقيام بمهامهم المطلوبة. وأوضح القرني أنه بعد هذه الأولويات تأتي أولويات أخرى على جانب من الأهمية مثل المصليات المتنقلة في الأسواق والأماكن العامة، وتوفير مصليات العيد والاهتمام بها مشيرًا إلى العديد من الحالات التي يطلب أهل الأحياء فيها تخصيص بعض الأراضي كمصليات للعيد لكنها تقابل برفض من الوزارة، ملمحًا إلى أهمية التعاون في هذا الصدد بين الوزارة والشؤون البلدية أو الأمانات. وبين القرني أنه في حالة تثبيت الإمامة والخطابة كوظائف رسمية على سلم المرتبات، وتسويتها بالوظائف الحكومية الأخرى هذا الأمر سيكون له دور مهم في تفعيل دور الأئمة والخطباء في مساجدهم وتفرغهم لها وبالتالي القيام على شؤونها بوجه أفضل مما هو حاصل الآن. وأشار القرني إلى صعوبة ترك الأئمة والخطباء لوظائفهم في ظل الوضع الحالي لهم خاصة وأن لديهم التزامات أسرية ومادية هم مسؤولون عنها أيضًا، موضحًا صعوبة أن يجمع الإمام بين وظيفته الرسمية ومهامه كإمام ومسؤول عن المسجد والقيام بمهامه على أفضل وجه، وذلك لتشتته ذهنيًا وبدنيًا بخلاف ما إذا كان متفرغًا للمسجد، مشيرًا إلى أن ذلك ليس مبررًا لترك الإمام دوره ومهامه لكنها دعوة إلى تصحيح الوضع للأفضل. وعن التدريب الذي يناله الأئمة والخطباء قال القرني: إن ما هو حاصل هو دورات موسمية فقط، ولا نكاد نلمسها، كما أنها غير ملزمة وليس هناك متابعة بعدها لتطور أداء الخطيب أو الإمام، مؤكدًا على أهمية البعد التدريبي للأئمة والخطباء وانعكاسه على أدائهم وطريقة تعاملهم مع الناس، وتطوير أداء المسجد ودوره حتى يصبح منارة معروفة ومميزة للحي ولأهل المنطقة ككل، مبينًا أن هناك الكثير من المدربين من لديه استعداد للتطوع والعمل مع الوزارة في مجال تطوير قدرات ومهارات الأئمة والخطباء لإدراكهم أن تدريب وتأهيل خطيب واحد قد ينال به أجور مضاعفة ممن يستفيد من هذا الخطيب من أهل الحي وغيرهم.

الاستعانة بآخرين
من جهته قال أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الشريعة بالأحساء والإمام والخطيب السابق الدكتور غازي المغلوث: إن من أهم مطالب الخطباء وأولوياتهم التطوير والتدريب، وإكسابهم بعض المهارات. مشيرًا إلى أن خطبة الجمعة فقدت تأثيرها في المجتمع لأن الخطيب لم يعد لديه الجديد الذي يقدمه فهو يعيد ويكرر أشياء معروفة ومكررة، وهذا يعود إلى أن الخطيب لم يتطور ويتقدم في فكره وعلمه. وقال المغلوث: إن أغلب أئمة وخطباء المساجد هم أقرب إلى العوام أكثر من كونهم طلاب علم، حتى لو كان بعضهم لديه تعليم جامعي إلا أنه ليس لديه مخزون فكري وعلمي أو رؤية بحيث إنه يسعى إلى تحقيق الإصلاح في المجتمع، مشيرًا إلى أن العلماء وطلبة العلم هم قلة في مجموع الخطباء. وبين المغلوث أن تأثير المسجد ليس شرطًا أن يكون من قبل الإمام أو الخطيب وإنما يمكن أن يستعين بآخرين ممن يحسنون توجيه الناس وإرشادهم في مجالات واقعية وعملية وليس فقط مثاليات وتنظير الأمر الذي يجعل الناس لا يستفيدون مما يطرح في المساجد.



 

ليصلك كل جديد عنا ولنكون علي اتصال