صراع الأجيال من يجني تبعاته..؟!

غازي كشميم - جدة
الجمعة 06/06/2014




من ضمن ما أحدثته التغيرات الاجتماعية في واقعنا وما نعيشه في عصر العولمة من تغيرات سلوكية وفكرية تظهر ما يعرف بظاهرة (صراع الأجيال) بين الآباء والأبناء.. فهل هذه الظاهرة تاريخية وعالمية أم تختص بزماننا هذا وتفاقم في مجتمعاتنا الحديثة فقط؟ وكيف يمكن التعامل مع هذه الظاهرة وتقليص الآثار السلبية الناتجة عنها؟ (المدينة) حاولت استطلاع آراء بعض المختصين التربويين حول ظاهرة (صراع الأجيال) في ثنايا الاستطلاع التالي:

قال أخصائي الطب النفسي العام والعلاج النفسي للأطفال والمراهقين‏ الدكتور ملهم الحراكي: إن مشكلة (صراع الأجيال) ليست حتمية وإنما تأتي من سوء فهم الوالدين للتربية وأسسها، وأوضح الحراكي أن صراع الأجيال ينشأ حين يبتعد الوالدان عن أبنائهم لظروف المعيشة ومتطلبات الحياة وفجأة يقرران التقرب من أبنائهم بعد أن تركوهم للخدم أو لحل مشكلاتهم بأنفسهم. مشددًا على ضرورة تخصيص أوقات يومية من قبل الوالدين للجلوس واللعب مع أبنائهم، وأضاف الحراكي أن لتلافي صراع الأجيال لا بد من التواصل مع الأولاد منذ صغرهم بل وحتى قبل أن يتكلموا إذ إن الأحضان والقبلات العاطفية المستمرة لها دور في إشعار الأبناء بقرب والديهم منهم. وأشار الحراكي إلى أهمية تقنين استعمال أدوات التقنية الحديثة وتخصيص أوقات معينة لها، والاستعاضة عنها بالتواصل المباشر والحركي مع الأبناء، كما حث الحراكي الآباء على النزول لمستويات أبنائهم والتواصل والتحدث معهم بمستوى اهتمامهم وتفكيرهم، داعيًا إلى إطلاق (الطفل) الذي بداخل كل شخص حتى ولو كان كبيرًا؛ إذ إن كل شخص يحب الاستمتاع بمباهج الحياة والانطلاق والعفوية في بعض لحظاتها، فلا بد أن تنطلق هذه الدوافع مع الأبناء ويمارس معهم كل أشكال اللهو واللعب، وأن يتخلص شيئًا ما عن الرسميات والتعامل الفوقي. وأكد الحراكي على المرأة العاملة أن تجعل لأبنائها أولوية على عملها وأن لا تترك أمر تدبير أمورهم إلى الخادمات. كما أشار الحراكي إلى أن مفهوم الأبناء وتربيتهم في القرآن لا يعضد من مقولة (صراع الأجيال) لأن الله يقول: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا» فالعلاقة مع الأبناء تجلب الفرح ولا تجلب الصراع.
مجتمعات حديثة
أما المشرف التربوي بتعليم مكة المكرمة الأستاذ سعيد محسن الزهراني، فقال إن (صراع الأجيال) هو ظاهرة طبيعية في مجال التربية ويزيد منها التغيرات الاجتماعية وحداثة تشكل المجتمع، مشيرًا إلى أن المجتمعات التي قطعت أشواطًا في التحديث تقل عندها نسبة صراع الأجيال.. وأضاف الزهراني أن التقنية الحديثة وما أوجدته من سلوكيات اجتماعية وعلاقات حديثة زادت من وجود الفجوة بين الآباء والأبناء، مشيرًا إلى أن الآباء يجدون أنفسهم وسط سيل من المستجدات السلوكية والكلامية لدى أبنائهم.. ودعا الزهراني إلى الاقتراب منهم قليلًا وفهم طريقة تفكيرهم والوصول إلى مستوى الأبناء ومحاولة التعرف على عالمهم والتحدث إليهم باستمرار حتى يستطيع الآباء مخاطبة أبنائهم بقدر أفهامهم، وبالتالي تقويم سلوكهم.. كما دعا الزهراني إلى تقنين استخدام التقنية والاهتمام بالأنشطة الاجتماعية المباشرة أكثر، والتواصل بين أفراد الأسرة كافة.

الحوار هو الحل
من جانبه قال المحاضر بجامعة الملك عبدالعزيز فايز الصعيدي: إن (صراع الأجيال) ليست ظاهرة تخص مجتمعا دون آخر، وإنما هي ظاهرة عالمية لكنها زادت مع العولمة المعاصرة، وذلك لاختلاف الأفكار بين الآباء والأبناء، وأرجع الصعيدي أن الآباء أخذوا أفكارهم من الموروثات الثقافية والعادات والتقاليد، بينما الأبناء يأخذون ثقافاتهم من الانفتاح العالمي الحاصل في مجتمعاتنا، ومن هذه النقطة ينشأ صارع الأجيال.. وأكد الصعيدي على أهمية الحوار والنقاش بين الآباء والأبناء للتقرب من بعضهم وتقليص الفجوة فيما بينهم وتقريب وجهات النظر، وأشار الصعيدي إلى أن الحوار يساهم في تفهم كل جيل للآخر وربما توافق بين الطرفين.. وأوضح الصعيدي أن الآباء أمامه خيارين إما الوقوف في وجه أبنائهم وبالتالي منعهم من كثير من الأمور، وهذا فيه صعوبة بالغة خاصة في الوقت الحاضر، وهناك خيار آخر وهو الإقناع ومحاولة الاتفاق على بعض القضايا حتى يمتثل لها الأبناء عن قناعة، أما استخدام السلطة والقوة في تنفيذ أوامر الآباء أو في تقويم السلوكيات الخاطئة فربما يزيد هذه الأخطاء ويفاقمها.



 

ليصلك كل جديد عنا ولنكون علي اتصال