الأمن الأسري.. مفهوم بحاجة إلى إستراتيجية وطنية

الجمعة 27/06/2014

غازي كشميم- جدة


يتردد كثيراً في الأوساط الإعلامية وكتابات النخب والمهتمين مفاهيم مثل (الأمن الفكري) و(الأمن الوطني) و(الأمن العام)، غير أن مفهوماً مشابهاً قد يكون أهم وأسبق لتلك المفاهيم خاصة وأنها تبنى وترتكز عليه، ذلك هو (الأمن الأسري)، بما تمثله الأسرة من نواة ووحدة صغرى لقيام المجتمعات، وحيث إن أمنها يعد أمناً للوطن، وعدم استقرارها يعد كذلك مساساً بأمن الوطن العام. فما هو مفهوم (الأمن الأسري)؟ وعلى ماذا يرتكز؟ وكيف يمكن تحقيقه؟ هذه الأسئلة غيرها طرحناها على عدد من المختصين والمهتمين في ثنايا التحقيق التالي:
غازي كشميم- جدة
بداية يقول استشاري الطب النفسي والأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء النفسيين العرب الدكتور طارق الحبيب إنه لا توجد لدينا خطة استراتيجية لـ(لأمن الأسري)، وأضاف الحبيب إن هناك اجتهادات في قضايا فرعية كثيرة مثل، تعنيف الطفل، وحقوق المرأة، غير أن بناء منظومة متكاملة لجميع قضايا الأسرة يعد مطلباً أساسياً، مشيراً إلى أن وضع خطة لهذا المفهوم بما تتضمنه من قوانين وأنظمة أمر سهل خاصة من قبل المختصين غير أن الصعوبة في التطبيق، خاصة أنها قد تجد معارضة من قبل المجتمع لأن المجتمع يعادي في بعض الأحيان الأشياء الجديدة، وضرب الحبيب مثالاً على ذلك بقانون العنف ضد الزوجة والذي قوبل بسخرية واستهزاء، لكنه أكد على أهمية عدم الالتفات إلى مثل هذه المعارضات خاصة من قبل المسؤولين بل ينبغي المضي قدماً في التخطيط والعمل والتأكد من صحة الأفكار والقوانين أولاً ثم تطبيقها حتى لو وجدت بعض المعارضات أو عدم التقبل الاجتماعي. وأكد الحبيب على أن الأسرة هي دولة مصغرة؛ لأن الدولة عبارة عن مجموعة من الأسر، فالأسرة موظف حكومي إذا شعر بالأمن فإنه سيشعر الآخرين بالأمن والطمأنينة لكن إذا لم يشعر بالأمان فإنه سيكون موظف غير صالح للمواطنة. وأشار الحبيب إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية هي الجهة المعنية بتطبيق مفهوم (الأمن الأسري) بالإضافة إلى جهود مؤسسات المجتمع المدني والجهات الخيرية لكن ينقصها التنسيق بين الجهات المختلفة كما ينقصها وجود أهداف وخطط موحدة. كما أشار الحبيب إلى كثرة وجود المتحمسين في القضايا الأسرية وقلة وجود المختصين الأمر الذي يضعف من فاعلية تطبيق الخطط المتعلقة بشؤون الأسرة.
المرأة وزيرة
من جانبها قالت الكاتبة والأكاديمية الدكتور ميسون الدخيل إننا بحاجة إلى استراتيجية أسرية شاملة تهتم بالأسرة في كل مكان من الوطن سواء في المدن أو القرى، مطالبة بأن تكون هناك هيئة أو جهة لتطبيق هذه الاستراتيجية، وأضافت الدخيل إنه في كل البلدان هناك وزارات أو هيئات تعنى بشؤون الأسرة والطفل أو المرأة والطفل بخلاف وزارة الشؤون الاجتماعية، وأكدت الدخيل على أن من شأن هذه الوزارة أو الهيئة أن تركز عملها على بناء الأسرة واحتياجاتها، كما أكدت على ضرورة أن تتولى عمل تلك الهيئة أو الوزارة امرأة لأنها ستكون الأعرف والأقدر على إدارة شؤون الأسرة. وقالت الدخيل إن مفهوم (الأمن الأسري) يتطلب وضع رؤية ورسالة تحدد أولويات الأسرة وماذا نريد منها، وعلى هذا الأساس يمكن أن توضع كل الخطط الاستراتيجية والتنفيذية، مشيرة إلى أن هذه الرؤية لا بد أن تكون معلومة لدى جميع أفراد المجتمع بل لابد أن يشاركوا في صياغتها والعمل على تعزيزها. وأكدت الدخيل أن أبرز ما تحتاجه الأسرة في مجتمعنا هو التواصل بين أفراد الأسرة، بالإضافة إلى التهيئة القبلية، ومهارات الحياة الزوجية، والحماية من العنف والتوعية به. وأشارت الدخيل إلى احتياج الأسرة إلى التفريق بين العادات والتقاليد المضرة بالأسرة وتكوينها خاصة تلك التي تهدم الأسرة مثل العضل والتفاخر بالذكر على الأنثى أو سطوة الذكر حتى لو كان صغيراً على الأنثى حتى ولو كانت أكبر منه، وبين تلك العادات الأسرية الحميدة التي ما زالت كثير من الأسر تحافظ عليها. وأوضحت الدخيل أن الترابط بين مؤسسات المجتمع المختلفة هي الطريقة العملية لتطبيق وتنفيذ أي استراتيجية لـ(الأمن الأسري) خاصة تلك المؤسسات المعنية بالأسرة وأفرادها كالثقافة والإعلام ووزارة التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية. وأشارت الدخيل إلى تجربة اليابان في بناء مجتمعه بعد الحرب العالمية الثانية حين توجهوا للأسرة اليابانية بكل مكوناتها حتى الأجداد والجدات، وأعادوا بناءها بمساعدة المدارس.

تعزيز القانون
وفي ذات السياق قال عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدكتور إحسان المعتاز إن السنوات الأخيرة شهدت تفكك العديد من الأسر، نتيجة الطلاق وانفصال الزوجين. كما أشار المعتاز إلى الأطفال الموجودين عند أبواب المساجد يستجدون الناس، موضحاً أن كل هذه الأمور هي من المخاطر التي تهدد المجتمع لأن الأسرة هي عماد المجتمع، وأكد المعتاز على أهمية تعزيز قيم المجتمع وتعزيز كل الأدوار والأعمال التي من شأنها حفظ الأسرة وقيمها. وكشف المعتاز عن الدور المهم المنوط بالإعلام وأئمة المساجد والمناهج الدراسية. كما أكد المعتاز على ضرورة تضمين المناهج الدراسية مفاهيم الأسرة وقيمها وضرورة تعزيزها والمحافظة عليها، كما أكد على ضرورة توعية النشء بخطورة العنف الأسري سواءً تجاه الوالدين أو الزوجة أو الأطفال، وغرس قيم احترام القانون وأخذ الحقوق عن طريقها وعن طريق الجهات الرسمية وليس أخذ الحق باليد أو القوة. كما شدد المعتاز على ضرورة وجود أنظمة صارمة لمعاقبة كل معتدٍ على أي أحد خاصة داخل إطار الأسرة.



 

ليصلك كل جديد عنا ولنكون علي اتصال