قضايا المرأة.. حضر الرجل وغابت

غازي كشميم - جدة
الجمعة 19/09/2014






لا تظهر قضية تكون المرأة فيها طرفًا إلا ويثور خلاف فكري شرعي يبدأ ولا ينتهي، فمن عمل المرأة إلى قيادتها للسيارة إلى ظهورها في التلفاز، إلى مشاركتها في أي فعالية، قضايا عديدة ينشغل بها المجتمع، ويكون الصوت الرجولي أو الذكوري الأعلى ارتفاعًا والأكثر صخبًا، في حين يكاد يختفي صوت من يعنيه الأمر، فضلًا عن أخذ قرار في أي قضية. بينما يرى آخرون أن المرأة ورغم الضجيج من حولها عنها، إلا أنها ماضية في سياق التغير الاجتماعي غير آبهة بما يثار من قضايا حقيقية أو مصطنعة.. قضايا قد تكون ملهاة للبعض أو مأساة لآخرين.

بداية يقول الأكاديمي والكاتب السعودي الدكتور عبدالمحسن هلال: إن الحساسية من التعامل مع أي قضية للمرأة نابع من أننا لم نتعود أن نسمع صوت المرأة لأننا مجتمع ذكوري، مشيرًا إلى أن موضوع المرأة دخل في دائرة المحظور (التابو) لعادات وتقاليد لا تمت إلى الإسلام بصلة. وأوضح هلال أن كل ممارسة تتجنى على المرأة تحتاج إلى مواجهة فكرية لنزع الأفكار الذكورية الموجودة حتى في مناهجنا وصحفنا وتعاملاتنا مع بعضنا، مبينًا أن تلك الممارسات لا تأتي فقط من جهال أو عوام بل تأتي أيضًا من مثقفين وأساتذة جامعات يتعلقون بشذرات من التراث تقلل من شأن المرأة. وأكد هلال أن الإسلام من أكثر الأديان التي رسخت تعامل الإسلام بعدالة وتكريم وبين أن النساء شقائق الرجال. وأوضح هلال أننا إلى جانب الذكورية التي نعيشها في مجتمعنا هناك ما أسماه «الفكر الذكوري» الذي تحمله بعض النخب من طرفين: أحدهما ديني متنطع وآخر ليبرالي متحرر، وكلاهما جعل من المرأة قضيته. وتساءل هلال، لماذا لا نسمع صوت المرأة؟ ولماذا لا نترك للمرأة أن تعبر عن رأيها في قضاياها، مشيرًا إلى أن ذلك كان موجودًا في عصر صدر الإسلام خاصة الخلافة الراشدة لكنه اختفى بسبب تغلب عادات وتقاليد على التعليم الإسلامية. وبين هلال أننا حصرنا أدوار المرأة في بعض الوظائف والمهن كالتمريض والتعليم بينما هناك وظائف أخرى يمكن أن تقوم بها المرأة بل إن المرأة من وجهة يمكن أن تقوم بكل الوظائف وليس هناك وظائف خاصة للرجل ووظائف خاصة للمرأة خاصة إذا التزمت بالحشمة.
تطفل رجولي
من جانبه يرى الإعلامي علي الرباعي إن القضية لها سياقات تاريخية وضعتها في غير سياقها، كما أن هناك تفسيرات معينة لنصوص دينية جعلت هناك نظرة دونية للمرأة. موضحًا أن هناك طرفين متسيدين للمشهد هما من يكتب دومًا عن قضايا المرأة: طرف يرى أن سياق قضايا المرأة المختلفة فيه تأثر بالعادات والأعراف المجتمعية، في ظل وجود عرف جائر ضد المرأة وما ترزح تحته المرأة الآن من نظرة دونية أو تهميش ما هو إلا امتداد لتلك الأعراف التي طغت على النص الديني الحقيقي. بينما هناك طرف آخر يتمسك بما يراه نصوص دينية ثابتة. ويرى الرباعي أنه لا بد من إعادة النظر في قضايا المرأة وما يتعلق بها، مشيرًا إلى أن انعدام الصوابية المطلقة لصالح طرف دون آخر، ومؤكدًا على إعادة قراءة النصوص الشرعية بما يتلاءم مع متغيرات العصر ومستجدات الزمن الذي نعيشه، مع وجوب إعطاء مساحة من الاعتدال والتسامح. وأشار الرباعي إلى تطفل الرجال على قضايا المرأة، فمن وجهة نظره أن النساء هن أحق وأعرف بالمطالبة بما لهن. مرجعًا السبب في ذلك إلى أن أطرافًا مجتمعية تريد أن «تضع حبًا في الرحى»، موضحًا أنه بسبب غياب القضايا الجوهرية التي تهم المجتمع وتطويره، ينشغل كثير من الناس بقضايا فرعية ومختلف عليها ما زالت تناقش منذ عقود. وأكد الرباعي أن المرأة ماضية في حياتها تعمل وتنطلق بصرف النظر عن من يناصر أو من يعارض، وهي تمارس أدوارها وتسافر وتعمل بكامل حريتها، ولديها خيارات متعددة، وهي لا تنتظر أحدًا يوجهها أو يرسم لها طريقًا فهي تتماشى مع سياق مجتمعي آخذ في الانفتاح والتواصل مع الآخر، مشيرًا إلى وجود مؤسسات وشركات تقودها نساء على مستوى المملكة بالإضافة إلى مشاركتهن في مؤتمرات عالمية داخلية وخارجية، مبينًا أن قضايا المرأة خرجت من إطار التجاذبات بين الحلال والحرام التي ينشغل بها البعض. وأكد الرباعي على أن النصوص الدينية فيها الكثير من الروحانية والإنسانية في التعامل مع المرأة، كما أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام في آخر أيام حياته بالمرأة، لكننا كشعوب عربية توارثت أن المرأة هي الجانب الأضعف لذلك تتجاذبها الأطراف المختلفة.



 

ليصلك كل جديد عنا ولنكون علي اتصال